لكن عندما نصل بالتعليم إلى الدرجات العليا فنحن مطالبون بأن نضيف إلى تلك المعارف معارف جديدة ،بأن نبحث ونستنبط ونفكر ونتدبر وعلينا أيضاً أن نصحح معارف من سبقنا لأنها في كثير منها نظريات والنظريات تكون متجددة فلا نقول إن ما وصلوا إليه في الماضي هي المعرفة فالمعرفة ليست مطلقة وإنما متجددة .ففيما مضى كان علماء الفلك ينظرون إلى السماء ورأوا كواكب وأجراما محددة سميت بأسماء ،ولكن منذ ذلك الزمان وحتى الآن تم اكتشاف العديد من الأشياء التي لم تكن معروفة لدى من سبقهم وهكذا فالعلم والمعرفة متجددان .ومن هذا المنطلق كان حرصنا أن نصل ببناتنا وأبنائنا إلى المستوى الذي يمكنهم من الوصول إلى إضافة إلى الحصيلة المعرفية التي سبقت في المراحل الدراسية الأخرى .في السنوات التي سبقت إنشاء هذه الجامعة ،كان كل طالباتنا وطلابنا الجامعيين يذهبون إلى خارج السلطنة بشكل كامل (100%) إلى جامعات مختلفة بعضها لا شك أنها تحظى بسمعة عالمية راقية والحصيلة المعرفية تكون ذات قيمة معرفية حقيقية والبعض منها أعتقد ليست على ذلك المستوى في بعض البلدان ولكن السعي إلى المعرفة أمر مشروع .مرت سنوات ووجدت أنه قد جاء الوقت لإنشاء أول جامعة في هذا البلد قي بلدنا العزيز؛ ولا أخفيكم الحقيقة أنه عندما طرحت هذه الفكرة في ذلك الزمان كان البعض من المفكرين في هذا البلد لم يشجعوا حقيقة على إقامة هذه الجامعة في ذلك الحين، لأن البعض اعتقد بأنه ما دام بالإمكان إرسال طالبات وطلاب إلى الخارج ربما أسهل وربما أرخص ولكن نظرتنا كانت غير ذلك، نحن نشاور ولكن إذا عزمنا نتوكل فتوكلنا وأمرنا بإنشاء هذه الجامعة وبدأت بدايتها التي سمعنا عنها بمجموعة صغيرة كبرت مع الوقت وتوسعت إلى أن أصبحت بالعدد الذي نعلم به اليوم والحمد الله؛ وكان من أهم الأشياء أن نركز كما قال أحد المتحدثين على الكيف لأننا نريد لهذه الجامعة أن تكون جامعة متميزة كما قلت قبل قليل نفخر بها ونفاخر بمن يتخرج من أبنائنا فيها ولهذا السبب كما تعلمون شددنا على درجة القبول في هذه الجامعة ولم نتساهل والبعض يسأل ولماذا هذا التشدد في درجة القبول؟ والجواب لأننا نعتبر هذه جامعة يجب ألا تقبل إلا من لديهم المؤهلات الحقيقية لينتسبوا إليها ويكون باستطاعتهم أن يستفيدوا من انتسابهم إليها وليس مجرد أن الطالب يتخرج من الجامعة ويقول لدي شهادة فالشهادة ورقة لا تسمن ولا تغني من جوع، وهنالك الكثير من الناس في هذا العالم لديهم أوراق وشهادات كثيرة لكنها شهادات فقط للتباهي ليقال إن لدى فلان شهادة ،ونعلم أيضاً أنه في العديد من البلدان يتم تزوير بعض الشهادات أكانت ثانوية أو معهد أو جامعية ،وهذه حقيقة وليست خيالا ،فجهات التزوير أصبحت محترفة في هذا الشأن ،أولاً لأن المزور يرى أن الطالب يأتي من عُمان أو من بلاد أخرى وسيدرس هناك ولا يهم أن يكون على معرفة حقيقية أو لا يكون حيث أنه سيغادر تلك البلاد وبإمكانه إذا كانت لديه الرغبة لشراء الشهادة المزورة فليكن ونحن في هذا البلد ننتبه إلى مثل هذه الأمور، ولذلك البعض يعلم بأن بعض الشهادات لا نقبلها كانت جامعية أو شهادات أخرى ما لم نتأكد من أنها شهادة حقيقية. الآن في زماننا هذا حتى درجة الدكتوراه أصبح هناك في الإنترنت برامج تعطي المعلومات في المجال الفلاني فيقوم الطالب بنقلها ونحن نعرف أنه هناك مؤسسات في بعض دول العالم احترفت هذا الشأن، ونعلم في بعض هذه البلدان محاولة لمحاربة هذه الظاهرة. إذن نعود ونقول نحن نريد من يتعلم العلم الصحيح ويحصل على المعرفة الحقيقية ويفكر ويتدبر ويضيف أكان في المجال العلمي أو الفكري وفي كل المجالات.وهذا يقودني إلى البحث العلمي ،الذي هو حقيقة أمر هام جداً في حاضرنا في جميع المجالات واستمرارية البحث، فالبحث كما قلت قبل قليل لا يتوقف والنظريات تأتي اليوم لتتغير غداً ولذلك علينا أن نواكب هذه البحوث طوال الوقت. ومن هذا المنطلق فنحن شخصياً قد أمرنا في الحقيقة بأن نقوم بدعم برامج البحوث العلمية في هذه الجامعة سنوياً من قبلنا شخصياً غير ما هو مقرر في ميزانية الجامعة. ولقد تحدثنا مع رئاسة الجامعة في هذا الشأن ونحن لن نبخل لكن سنبدأ بشيء مناسب جداً، وكلما زادت المتطلبات فسوف نضيف وهكذا، ودائماً نحن نستشعر أيضاً الأمور الأخرى في هذه الجامعة التي قد تكون غير متوفرة اليوم وعندما نشعر بأنها يجب توفيرها فنحن نوفرها وسوف نوفرها.هذا جانب، الجانب الآخر ما من شك البحوث الأخرى التراثية والتاريخية وإلى آخره، وهنا أريد أن أقول كلمة على مسألة التاريخ. أنا لا أدعي بأن لي معرفة كبيرة بالتاريخ ولكني ملم ببعض جوانب التاريخ وأجد بأن التاريخ الذي كتب منذ قرون مضت أحياناً فيه الكثير من التهويل والكثير من التحريف والكثير مما هو كتب بأهواء أكانت أهواء سياسية أو غيرها وفيما مضى كان الناس يتقبلون لأن ذلك مكتوب في التاريخ الفلاني والتاريخ الفلاني، إن هؤلاء الناس بشر، كتبوا هذا التاريخ حسب ما وصل إليهم من روايات وقد تكون رواية متواترة أو أحادية وربما كتبها المؤرخ ولديه شعور معين عند كتابته فإما أن يُزين أو يُشين وهنالك الكثير من الناس في التاريخ ممن رفعوا إلى أعلى الدرجات والكثير من الناس وضعوا في أسفل الدرجات، وكثيراً ما نقرأ في التاريخ متناقضات كثيرة، وهناك أمثلة كثيرة دعونا نأخذ منها مثالاً واحداً منها ما يقال عن الحجاج بن يوسف الثقفي الذي تضاربت حوله الآراء وهذه تناقضات كبيرة في التاريخ. ولذلك التاريخ يحتاج إلى نظره وعندما نقرأ التاريخ لا نقرأه بعلاته، نتدبر ونتفكر ونعود بأفكارنا إلى ذلك الزمن مثلاً عندما يتحدثون عن الجيوش الجرارة في ذلك الزمن الغابر التي خرجت من مدينة كذا أو بلاد كذا، وأنتم أتحدث إلى من يفهم، دعونا نعود بذاكرتنا إلى الوراء كم كان سكان العالم في ذلك الزمان، وبعض البلدان أو بعض هذه الجيوش الجرارة التي يتحدثون عنها، كم كان سكان تلك البلاد التي يتحدثون بأن هذه الجيوش الجرارة العظيمة خرجت منها، بعضهم يقول إن أول هذه الجيوش هنا وآخره هناك ،وكأن السلسلة ممتدة تصل لآلاف الأميال أو مئات الكيلومترات، وهذا ليس بصحيح نعود فنفكر ونقول كم كان عدد السكان في العالم وكيف كان سكان العالم متوزعين في الأماكن المختلفة في بلدان العالم؟ الجزيرة العربية مثلاً، كم كان عدد سكان الجزيرة العربية في ذلك الحين؟ هل من مجيب! أنا لا أطلب إجابة فورية الآن ولكن ما أعنيه هو التفكير، هل كانوا ملايين أو آلافا ،لا أعتقد أنهم كانوا ملايين، لربما كانوا ملايين وعليه فعدد الجيوش قليل. ولكن عندما يتحدثون عن تلك الجيوش الجرارة ،لا أعتقد أن هناك جيوش جرارة وللاستدلال لنعد إلى تاريخنا هنا في عُمان، عندما يتحدثون في بعض جوانب التاريخ ويذكرون تسعين أو مائة ألف فارس، من أين أتى هؤلاء الفرسان؟ومن أين تأكل خيولهم ؟ فهل نقبل هذه الأمور على علاتها؟ كلا، إنني أسوق لكم مثالاً فقط لكي تأخذوا التاريخ بحذر؛ وتدبروا فيه وتفكروا فيه أنتم يا طلاب التاريخ وانتقدوه وعودوا إلى الماضي وفكروا في الحالة التي كانت عليها ذلك الزمان .لا يجب علينا أن نردد كل ما كتب كالببغاء ،لا أبداً، علينا أن نفكر، أمور كثيرة أخرى أصبح الكثير يرددها كالببغاء؛ صار تقليداً فإذا سمع شيئاً قاله، وإذا قرأ شيئاً قاله وهذا ليس صحيحاً، إن مصادرة الفكر والتدبر والاجتهاد من أكبر الكبائر، ونحن لن نسمح لأحد بمصادرة الفكر أبداً، من أي فئة كانت وأنا لا أريد أن أخوض في تفاصيل، لكني أعلم أن هناك من يدعو إلى مصادرة الفكر، والفكر لا يصادر، ديننا الحنيف جاء لأجل العقل والفكر ولم يأت أبداً لمصادرة الفكر في أي وقت من الأوقات. في ديننا سماحة وأخلاق وانفتاح والقرآن المجيد كل آياته تدعو الإنسان إلى التفكر والتدبر ولا تدعو إلى الجمود وعدم التدبر وإلى أن يمشي في القافلة وهو مغمض العينين، بل عليه أن يرى ويتدبر، هذا هو المطلوب. نحن في ديننا أيضا البعض يخطئ عندما يقول رجال الدين، ففي ديننا ليس هناك رجال دين، عندنا علماء دين، فالدين الإسلامي به علماء دين وليس رجال دين، رجال الدين في أديان أخرى التي لها أسلوبها ومذهبها وطريقتها، وذلك أمر آخر، أما نحن فكلا، نحن لا نتعدى على أحد ولا نتحدث عن الأخرين، فكل إنسان له طريقته ومذهبه وأسلوبه وتفكيره ودينه ومذهبه، ولكن نحن هنا ليس لدينا رجال دين، وليس بيننا وبين الله سبحانه وتعالى واسطة، (جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا) أليس كذلك؟ وعليه فيمكن للإنسان أن يصلي في أي مكان، وتناجي ربك في أي مكان، (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) وإلى غير ذلك، فإياكم إياكم أن يصادر أحد منكم أفكاركم بأي طريقة كانت دينية أو غير دينية؛ فالإنسان منا يجب أن يفكر ويتدبر ولكن ما في شك أن هناك أطرا يجب أن تكون محاطة بالتفكير والتدبر حتى لا يشط بنا الخيال أكثر من اللازم. هذه كلمات مختصرة حقيقة كانت في نفسي وأحببت أن نقولها.بعد هذا ،فلا شك أننا نود أن نشيد بالمستوى الرفيع الذي وصلت إليه الجامعة مرة أخرى وإلى الروح الطيبة والمتوثبة للتحصيل العلمي والمعرفي وأنتم كمن سبقكم تحملون مشعل المعرفة في هذا المجتمع. والمجتمع نسيج ويجب أن نحافظ على هذا النسيج من خلال بعض الأعراف الجيدة الطيبة التي علينا أن نتمسك بها وأما تلك الأعراف البالية يجب أن ننبذها وهذا يقودني في الحقيقة ويعطيني الفرصة لكي أقول كلمة، بعض الأعراف بها بعض المغالاة مثل المغالاة في الزواج المغالاة في الحفلات التي ترهق كواهل الشباب والشابات وأولياء الأمور هذه في الحقيقة ظاهرة غير جيدة وليست من الأعراف التي نريد أن نتمسك بها، أبدا. ولما أقول "أعراف" فالحقيقة أن البعض منها جاء متأخرا. لم تكن أعراف الماضي, ففي الماضي الناس كانوا يقنعون بالقليل لكن حياتهم كانت ذات مستوى معيشي مختلف، لا شك أن المستوى المعيشي الحالي اختلف، لكن مع هذا يجب أن نحافظ... هل هذا الشاب، وأنا أوجه إلى الشاب هذه المرة، وليست الشابة، لأنه هو الزوج في مجتمعنا الذي يصرف ،يريد أن يدخل كما يقولون عش الزوجية مثلا وهو مثقل بالديون والهموم والمشاكل الاقتصادية التي ليس لها أول وليس لها أخر ،أبدا ليس المفروض ،يكون هذا أبدا وأنا أقول :إنه لو وقف الكل وقفة رجل واحد وقالوا :لا لهذا النوع من الأعراف ،والكل قالها ،وأنا والله هذا ما أستطيعه من مهر هو هذا ،المهر نحن حاولنا أمرنا بطريقة رسمية أقله خمسمائة وأعلاه ألف "فلينفق" كل ذي سعة من سعته وهذه حدود أعتقد أنها معقولة ،لكن في الظاهر هذا هو الأمر ولكن ماذا يحدث وأنا أعلم بهذا تحدث الأمور الأخرى ،نعم هذا هو التقيد بالأمر ولكن فيما بعد هات وهات ...سيارة، إلخ...حاجات ما أنزل الله بها من سلطان .فلماذا هذا؟ولو قال الكل لاختفت هذه الظاهرة ،الفرد بعد ذلك قدر استطاعته يقوم بواجبه ليس هناك شك في ذلك ويبني نفسه ويكون نفسه ويكون لديه بيته وكل الحاجيات الأخرى ،ومن هذا المنطلق كان تشجيعنا في الحقيقة لبعض الأمور التي أمرنا بها منها صندوق الشباب ،إعادة التأهيل إلخ ...هذه كلها نواة لكي يعتمد الفرد على نفسه ونحن نريد أن نقوي هذا الاتجاه ،اتجاه اعتماد الشخص على نفسه ويكون لديه دخل يساعده وينميه ويصعد السلم درجة درجة، أما المستعجل الذي يريد أن يحدث كل شيء في حينه ،فلا يمكن أن يحدث كل شيء في يوم واحد ،فالله سبحانه وتعالى خلق السماوات والأرض في ستة أيام مع أن الواحد القهار إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون لكن هذه سنة الله في الخلق أن الأمور تأتي تدريجية ،هذه الأيام لا نعلمها ولا نعلم ما هي فقد تكون هذه الأيام بالبلايين أو الملايين من السنين وليست بأيامنا التي نحن نعرفها ذات الأربع والعشرين ساعة وإنما هي في علم ربي (إن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون) هذا أمر، لكن الإنسان يصعد السلم درجة درجة بمعنى إخوانكم أو البعض منكم يذهب إلى القوات المسلحة أو الأمن فهل من أول يومه دخل في الخدمة أصبح لواء، لا، جندي إلى رتبة أخرى، وإذا كان مرشحا فإنه يبتدأ بنجمة ثم بنجمتين ثم ثلاث نجمات إذا تأهل وهكذا، فالدنيا هكذا وكذلك فهل الطالب إذا دخل المدرسة يصبح من أول يوم أو بعد ستة أشهر منتهيا من الدراسة، كل هذه السنوات التي تقضونها في التعليم والبعض منكم يقضي أكثر مثلا كنا نسمع قبل قليل عن ما شاء الله كلية الطب فالطبيب يحتاج سبع سنوات ثم سنوات تدريب تحت الإشراف ويمكن أن تصل به إلى أثنتى عشرة سنة تقريبا، فالأشياء لا تأتي بسهولة هكذا ولكن الإنسان عليه أن يسعى (وأن سعيه سوف يرى) فهذه شجون وجدت الفرصة أن أتحدث فيها.بقية الأشياء غطيت في الحقيقة من قبل من تحدث عن البرامج وعن المستقبل لكن المجتمع قال أحدهم إنه اقتصاديات العالم وأنه أصبح العالم في حاله الحاضر عالم الاقتصاد الموحد وأن الاقتصاد القوي مهم وليس في ذلك شك لكن لا يجب أن ننسى أن الاقتصاد مهم منذ الأزل فالإنسان الذي ليس لديه ما يأكله يموت، والذي لا يستطيع في الماضي أن يذهب ويقنص ويأتي بظبي أو بأرنب فإنه إما يتضور أو يموت جوعاً. وحتى المجتمعات البدائية كانت تعيش على نوع من الاقتصاد، مروراً باقتصاد الفرد واقتصاد الأسرة واقتصاد الجماعة واقتصاد القبيلة وتوسعت الأمور بهذا الشكل؛ فالاقتصاد هو ركيزة، وبدون الاقتصاد لم يكن في الإمكان أن نعلمكم أصلا أو نقوم بأي شيء آخر لا في المجالات الصحية أو سواها، فالاقتصاد هو ركيزة كل شيء وليس في ذلك شك وبقدر ما يكون الدخل القومي تكون قوة الاقتصاد، ودائما يكون الدخل القومي هو الأهم من الدخل الحكومي في الحقيقة لأنه هو الدخل الرئيسي للبلد. بلداننا وكلنا نعرف أنها قويت اقتصادياتها بشيء إسمه، عندما اكتشف البترول أو الذهب الأسود، وهذه الثروات إذا إستغلت في مكانها الصحيح عندما تنصب يكون قد حصلنا على فائدة مما جنينا من ورائها وإن لم يحصل ذلك فإن ذلك يعني الرجوع مرة ثانية إلى النقطة التي كنت عليها، وبالتالي لا بد من البدائل؛ والكل يعرف نحن دائماً وأبداً نتحدث عن هذه البدائل في أحاديثنا العلنيه الرسمية وخطبنا إلخ...والبدائل لا تأتي إلا بالعمل وبالجد وبالاجتهاد، من الجميع، الحكومة أو الجهاز الحكومي التنفيذي عليه مسؤولية والخبراء، ومنكم الخبراء إن شاء الله عليهم مسؤولية إنه نفكر في كل البدائل التي تبدأ ركائزها في الحاضر وتمتد ركائزها إلى المستقبل كالعصا التي يتوكأ عليها الإنسان عند حاجته إليها. هذه البدائل ننظر حولنا ونقول ماهو بإمكاننا فعله؟ نكون واقعيين وليس خياليين، لأن المشاريع الخيالية أيضاً لا تجدي نفعاً أبداً وهذه التي تسمى في بعض اللغات بالفيل الأبيض والفيل الوردي على ما أظن،هذه الفيلة لا تفيد أحداً، وعلينا أن ننظر إلى تجارب من سبقنا ،فهناك أناس في بعض البلدان في مرحلة من المراحل ذهبوا مباشرة إلى المشاريع الكبيرة الرنانة الطنانة, وفي النهاية ماذا حدث حقيقة ؟ وجدوا أنفسهم لم يحسبوا حساب السوق أو المنافسة أو لأي شيء آخر وإنما فقط للتفاخر لكي يقول لدي ولدي، هذا الأمر نحن لسنا من مؤيدي هذه الأفكار أبدا، فنحن ننظر إلى أمورنا بواقعية ونرى ما هو ممكن وما هو غير ممكن؛ والسياسة في هذا البلد بدأت بأن ننشئ بعض الصناعات الخفيفة وبعد ذلك نأتي إلى مرحلة الصناعات المتوسطة وهذا حدث بالفعل وبعد ذلك إلى صناعات أكثر تقدما وبالتالي أنشأت المناطق الصناعية في أماكن متعددة وأعتقد أنها الآن في حوالي ثلاثة أو أربعة أماكن في الرسيل وصور ونزوى وصحار والبريمي وصلالة لتبدأ بإنشاء الصناعات الحقيقية. هذه الصناعات لا يمكن أن تقوم إلا على خامات وليس كل الخامات متوفرة لكن هذا ليس بعيب، بإمكانك أن توفر الخامات فاليابان تقريبا لا تمتلك أي خامات إلا اليسير إذا وجد ولكنها قامت على نهضة صناعية كبيرة نحن لسنا في موقع نتحدث عن المقارنة باليابان ولكن مثال يساق، والإنسان يبدأ البداية المتواضعة ولكنها المستمرة الدؤوبة التي لا تقف عجلتها فالعجلة تدور وتدور وكلما دارت العجلة ازداد التقدم في هذه المجالات. وأنا لا أخفيكم في وقت من الأوقات قبل أن تبدأ هذه البدائل وهذه الصناعات أُسأل من زوار يزورون أكانوا صحافيين أو غيرهم: ماذا عن المستقبل؟ وفي ذلك الحين لا يتحدث الإنسان عما في نفسه لأنه ينظر ويتلمس طريق المستقبل، والحمد الله رب العالمين عندنا شيء من الزراعة وعندنا ثروة سمكية وهي في الحقيقة ثروة، ومن هذا النوع من الحديث وهو جواب غير مقنع بلا شك ولكن لم يكن هناك جواب سواه في ذلك الزمان. الآن نستطيع أن نقول أننا بدأنا نفتح مجالات الإستثمارات، بدأنا نستثمر بدأنا نستقطب بعض الاستثمارات من الخارج إلى هذا البلد، بدأنا ننفتح الإنفتاح المعقول الواقعي المدروس على السياحة. أيضا نحن لسنا من المشجعين للسياحة بمفهومها المطلق العام، أبدا، أبدا، انا كنت في أسبانيا العام الماضي وتقابلت مع ملك أسبانيا على العشاء فسألنا كيف السياحة لديكم؟ فقلنا له في بدايتها فقال: إحذرثم إحذر لا تقعوا في الخطأ الذي وقعنا نحن فيه فقلنا له وكذلك نحن فليس لدينا النية أن نقع في نفس الخطأ لأن السياحة لها جانبان إيجابي وسلبي ونحن نركز على الجانب الإيجابي منها وما أكثر هذه الجوانب والحمد لله رب العالمين حيث بدأت تأتي بالخير ولها مردود إن شاء الله على أبنائنا وبناتنا في مجالات العمل، وفي مجالات الفندقية، ومجالات كثيرة، ولكن للأسف أن تقدم العلم والتقدم التقني يأتي معه بمشاكل أخرى أيضاً، فهناك كثير من المؤسسات والشركات والمصانع أصبحت لا تحتاج إلى بشر كثيرين فكل شيء بالكمبيوتر والآلة والضغط على الأزرار فأصبح أيضاً مردود هذا على العمل سلبياً ولكن هذه ضريبة من ضرائب التقنية والتقدم في هذا العالم. وأنا أعرف أنه قبل عدة سنوات في الهند هذه البلاد التي بها حوالي ألف مليون من البشر كان بينهم نقاش كبير حول إلى أي مدى يمضون في مسألة التقنية هل بالكامل (100%) أو النصف (50%) أو الثلث (30%) لأن المسألة هي مسألة أعداد هؤلاء البشر، ماذا سيعملون الذين يحرثون الأرض ويزرعون قد يصبحون بعد كل هذه الأمور خارج العمل مع أنهم هم يعيشون على الكفاف في الحقيقة. نحن الآن في بلداننا لا يمكننا أن نكبح جماح التقدم التقني لأنه هو المستقبل حقيقة وبدونه نصبح لا شيء فلربما يصبح بعضنا أميين عما قريب لأنه لا يفهم لغة الكمبيوتر وأموره ونعود على ما كان يقال عن الفرد بأنه لا يستطيع فك الخط. لكن لهذه ضريبة ولابد من تحملها ونفتش عن وسائل أخرى للاعتماد على النفس وإن شاء الله سوف نعمل ما في وسعنا لتنمية هذه البرامج وتأخذ مكانها، لأنه بدون هذا فأنت من هنا تريد التقنية وتريد التحديث وتريد التصنيع ومن هنا توجد لكل هذا جوانبه السلبية وكلنا يعرفها. ولذلك الإقتصاد مبني على ركائز معروفة ومنها هذه البدائل التي تحدثنا عنها. وهذا شغلنا الشاغل في الحقيقة ولما إن شاء الله يتخرج الطلاب المؤهلون في هذه المجالات كما سمعت من خلال التخطيط المستقبلي والخطة الخمسية فنحن نعتمد على هذه العقول من أجل أن تعصر ذاتها من أجل أن نصل إلى ما هو خير حاضراً ومستقبلاً.النفط ، من أجل إدامة هذه السلعة التي تعتبر ناضبة إن لم تقم باكتشاف مكان جديد أو استخراج ما هو ممكن منها ويمكن أن البعض منكم لديه العلم في هذا المجال، فأيضاً لا يمكنك القيام بهذا نحن وليعلم من لم يسبق لديه هذا العلم، أنه الدخل الذي يأتي من المجال النفطي نحن نعيد له سنويا (16%) من أجل إدامة الحقول ومن أجل إنتاج أكثر ورفع المخزون وما هو موجود يكون بإمكاننا أن نأخذ منه أكبر قدر ممكن وهذا لا يأتي إلا بأن تضخ المال مرة أخرى، أي أن تضخ جزءاً من دخلك الذي يأتي من هذه السلعة مرة أخرى من أجل أن تديم هذه السلعة، ولذلك عندما تسمعون أن المخزون تقريباً لا ينزل حيث إنه دائماً في مستوى خمسة بلايين وأكثر قليلاً فيتبادر لذهن الإنسان أنه قد انتهى منذ زمن لكنه بهذه الطريقة وهذه الحوافز وضخ المال مرة أخرى أيضاً لاستمرار الاكتشاف الجديد والمكان. المخزون كما هو معلوم قد يكون كذا بليون برميل ولكن السؤال هو كم باستطاعتك أن تسحب منه 10% أو 20% ؟ مع تقدم التقنية الآن باستطاعتنا أو كل الحقول في العالم، أصبح من الممكن استخراج نسبة أكبر مما كانت في الماضي، ونحن لدينا حقول في الحقيقة بها مخزون كبير جداً وهي التي اكتشفت منذ زمن في منطقة مرمول وهي حقول كبيرة بكل المقاييس لكن الموجود فيها من النوع الثقيل الذي يعد حتى الآن غير اقتصادي أن نستخرجه، وإلا فإن هناك مخزوناً كبيراً من الممكن أن يبلغ إلى حوالي أربعين بليون، لكن ليس بإمكانك استخراجه اليوم ولكن عندما تتقدم التقنية ويصبح إستخراجه اقتصادياً فبإمكانك عندها أن تستخرجه. أيضاً هنالك مفهوم أحياناً خاطئ عند البعض، إذ يعتقد أن شركة النفط هي شركة غير مملوكة للحكومة لا، هي في الحقيقة شركة مملوكة للحكومة، والحكومة هي وإنما هؤلاء الناس يديرون هذه الشركة ولهم (40%) من الاستخراج يحق لهم أن يبيعوه بمعرفتهم هم وهذا أمر طيب لأن هذه الشركات وهؤلاء الناس يأتون لك بالأسواق، يجب أن يكون لنا شركاء ويجب أن ندخل في اتفاقيات معينة مع هذه الشركات العالمية حتى تأتي بالسوق، الغاز الموجود الآن ويصدر من قلهات مرورا بأواسط عمان وأماكن أخرى لولا التفاهم الجدي بيننا وبين هذه الشركات العالمية لما وجدنا السوق لهذا الغاز، بمعنى أن الحكومة من جانب والآخرين من جانب إذ أن لهم مصلحة بأن يسوقوا هذا الغاز، فإن لم تكن لهم مصلحة فلماذا يبذلون الجهد ويجتهدون في الذهاب شرقا وغربا، فلابد أن تكون له مصلحة ولذلك نحن سبقنا البعض في الإنجاز في وقت قياسي حقيقة ووجدنا السوق والحمد لله رب العالمين والآن صدرنا الخط الأول ونصدر الخط الثاني والآن بصدد أن نضيف خطاً ثالثاً وفي لغتهم يساوي الخط الواحد ثلاثة تريليونات والخطان يساويان ستة تريليونات والثلاثة خطوط تسعة تريليونات وهكذا، هذه نعمة. وبالتالي بهذه الطريقة نشجع هذه الشركات التي تنقب عن هذه الثروة بأن تجد أكثر. فهذه الثروات لا تقاس بحجمها الموجود وإنما تقاس بالسوق الموجودة التي تستوعب هذه الثروات وإذا تأخرت يوماً عن السوق لا سمح الله فقد لا تجد السوق لمدة طويلة جداً.فهذه الأمور ليست بالسهلة وإنما هي أمور ذات جوانب متعددة.الثروة الزراعية، نحن دائماً نحب ونشعر بالارتياح في أنفسنا عندما نشعر ونحن بلد زراعي في الحقيقة ولكن بالمفهوم الحديث نحن لسنا بلاداً زراعية يجب أن نعترف بهذا، نحن لسنا بالبلاد التي عندها من المياه الكثير فيها لأن تنتج إنتاجاً زراعياً بالمعنى الصحيح وإنما سعينا هنا للاكتفاء الذاتي في بعض المنتجات الزراعية التي يمكن أن نحصل عليها من أرضنا وبالمياه الموجودة بعد الترشيد بلا شك وإدخال التقنية الحديثة أيضاً في الزراعة...إلخ. لكن لا نخدع أنفسنا ونقول: إننا بلاد زراعية رقم واحد (من الطراز الأول) ، ولذلك اتجاهنا الآن نحو البدائل الأخرى أكثر من هذا لكن الاكتفاء الذاتي وبعض المنتجات الزراعية التي تصدر أيضاً إلى الخارج هذا أمر جميل، المحافظة على النخلة ولكن نوعية النخلة، فقد عملنا دراسة في منطقة الباطنة وكلنا يعرف بأن منطقة الباطنة هي أكثر المناطق المعرضة لملوحة المياه التي لم تعد فيها كما كانت سابقاً وهذا سببه معروف وهو الضخ (الاستنزاف) الكثير الذي صار في وقت من الأوقات، ووجدنا أن هناك أنواعاً معينة من التمور تجيد في هذه التربة وهذه الأماكن وأيضاً لها سوق بعضها عمانية وهنالك صنف آخر أتى إلى عمان متأخراً، الأصناف التي من الممكن أن تحل محل النخلة المنتشرة المعروفة حالياً في منطقة الباطنة هي "أم السلة" والتي هي ليست لها في الحقيقة سوق كبيرة، إلا ربما تعطى في الوقت الحاضر للحيوانات. وجدنا أنه مثلاً "الخنيزي" لا بأس جيد، والجبري جيد في هذه المنطقة إلى حد ما، والنخلة الجديدة التي هي "البرحي" "والبرحي" يقاوم، وهو معروف في أماكن أخرى مثل جنوب إيران ويقاوم ويعيش على المياه التي ليست حتى بالمستوى المطلوب من العذوبة. هذه أيضاً فيها دراسات ولتشجيع التكثير من هذه الأنواع. التقطير، الآن يمكن زراعة النخلة بالتقطير وليس بالضرورة بالغمر؛ الموز كان يقال في السابق لا يمكن زراعته إلا بالغمر، وجدنا أن الموز الآن يمكن زراعته بالتقطير، وهكذا. فالثروة الزراعية، عكس ما يعتقده البعض، هي في نطاق محدود في جميع بلداننا في هذه المنطقة وربما إن عمان مؤهلة أكثر من غيرها للزراعة لتعدد مناخها وتضاريسها..إلخ. لكن الزراعة ليست من الركائز القوية.الثروة السمكية ركيزة قوية إذا استطعنا أن ننميها واستطعنا أن نحافظ عليها وإن شاء الله سيكون ذلك ولو أنه بلا شك لا يمكن للإنسان أن يسيطر على هجرة السمك من مكان إلى مكان آخر وبالتالي إذا كان هناك إجحاف في استغلال هذه الثروة في البلدان التي تهاجر إليها الأسماك أيضاً تقل عندما عقد الاجتماع الوزاري لمنظومة البلدان المطلة على المحيط الهندي وهذا في الحقيقة أمر سعينا إليه منذ فترة وقد تحقق والحمد لله رب العالمين، أنا شخصياً تحدثت إلى هذه المجموعة أن هذا المحيط يجمعنا ومياه هذا المحيط تجمعنا، والثروة الموجودة في هذا المحيط هي لنا جميعا فعلينا أن نحافظ عليها، والآن هنالك تصورات وبرامج ستكون جماعية كيف المحافظة على هذه الثروة واستغلالها الاستغلال الأمثل. ونحن في عمان لدينا موقعنا الجغرافي المطل على هذا المحيط, هذه نعمة أننا نطل على هذا المحيط, موقعنا مطل على هذا المحيط أكان من ناحية الثروة السمكية أو ربما في المستقبل من الممكن الثروات الأخرى لأنه لدينا نحن المساحة الاقتصادية في المحيط الهندي تمتد إلى مائتي ميل بحري من حقنا أن نستغل ما في باطن الأرض عندما يكون ذلك ممكناً ومتاحاً لا شك في أن ذلك بالاتفاق مع الجهات الأخرى.هذا في الحقيقة ورغم أنني أطلت قليلاً عليكم؛ وفي الأخير وأنا اليوم وأنا جالس في هذه القاعة أعلم وأشعر بحجمها ولذلك إن شاء الله نحن قد قررنا أن نقوم بتمويل القاعة الكبرى المتعددة الأغراض بالجامعة وإن شاء الله سيكون لقاؤنا القادم في تلك القاعة المتعددة الأغراض بإذن الله سبحانه وتعالى.
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق